بنك الحظ .. بين الفاعل و المفعول به
** هذا المقال مقدم من فريق إبداع 360، وهو فريق من الكتاب المميزين الناشطين في شبكات التواصل الاجتماعي، من غير العاملين بشكل دائم في المجال، حيث وجدوا في هذا الفريق مظلة تخرج أفضل ما لديهم لينشروا أفكارهم ويفيدوا الجمهور العربي.
كيف تري حياتك ؟ هل فكرت يوماً ؟ هل أنت مسير ؟ أم أنك مخير ؟ هل فكرت في وَقعْ ما وَقَعَ في حياتك ؟ هل أدركت سببه ؟ هل سألت نفسك يوماً ما لماذا ؟ و إن حدث , هل تمعَّنت في هذه الـ لماذا ؟ هل تعيش في هذا العالم بمفردك ؟ أم أنك تعيش معنا ؟
المقعد الذي تجلس عليه الآن , وفقاً لنظرية النسبية عند آينشتين , ليس جسماً معتماً كما تراه , بل هو عبارة عن ذرات و جزيئات , و تلك الذرات و الجزئيات و الإلكترونات و النيترونات و الفوتونات مهما تقاربت من بعضها البعض -لتكوِّن الجسم الصلب أو الحالة التي تراها أنت صلبة- هي في الحقيقة بعيدة عن بعضها , و هو ما يعني أن الجسم المعتم الذي تراه , هو في الحقيقة شفاف , لكن عينك لا تري سوي طول معين من الموجات يجعلك تري الجسم معتم , هذا الموجات إن كانت طويلة بطول مناسب -كأشعة إكس- ستتمكن من رؤية ما بين تلك الجزيئات المتباعدة . فهل فكرت يوماً في أنك تعيش في عالم شفاف في نظر مخلوقات أخري كالحمار الذي يري بالأشعة تحت الحمراء فيري الجن ؟ و علي ذات المنوال , هل فكرت يوماً في تلك الأسئلة التي حكمت عليها بالسذاجة لقصور معرفتك أو تفكيرك ؟ و علي ذات السيرة , كيف تري الحظ ؟
من عجائب قدرة المولي عز و جل أنه خلق الإنسان ففضله علي سائر المخلوقات , حتي الملائكة , فجسمك الذي تراه بسيطاً يحتاج طبيباً للقلب و آخر للجهاز الهضمي و ثالث للجهاز التنفسي و هكذا . و مع بساطة هذا التعقيد , خلقك الله عاجزاً و في حالة احتياج للمساعدة , و لضعف قلبك , تلجأ دوماً للبحث عن حيل و وسائل تؤمن بها , و تري في أرقام الحظ و أبراج اليوم سبيلاً للتفاؤل أو التشاؤم . و بين كل هذا , خلقك الله مُخيَّراً بين الإيمان بحكمته أو الإيمان بالخرافات , و فوق كل الأبراج و الأرقام , هناك من يُسيِّر حياتك . الأفعال التي تقع في حياتك ثلاثة : ما يقع منك -و في ذلك أنت مُخيَّر , كالصلاة و تركها- , و هناك ما يقع فيك -كالمرض رحمة من الله ليكفر عنك ذنوبك- , و هناك ما يقع عليك -كالإلهام الذي جعلك تُكمل قراءة هذا المقال- . و المولي -عز و جل- يقول : "و لقد خلقنا كل شئ بقدر" ؛ أي أنه خلق كل شئ مُقدَّر , و كل شئ في الحياة لو تمعَّنت فيه حق الإمعان ستدرك أنه يسير مع بعضه حتي لا تختل الموازين .
فهل هناك حظ فعلاً ؟ حقيقة الإجابة تتوقف علي مفهوم الحظ لديك . فإذا تحدثت عن الحظ من وجهة نظر كارل يونج سنقول أنه "صدفة ذات معني تقع خارج إرادة الإنسان" , لكن إذا تحدثت عنه من وجهة نظر إلهية , سنقول أنه الحظ ذُكر في القرآن في واحد و عشرين مناسبة , و وفقاً لكل التفسيرات فإنها تُشير إلي النصيب لا الفعل الذي يقع خارج الإرادة كحظ لا هدف منه , و هو تفسير منطقي للغاية و يتماشي و قوله -عز و جل- "إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً" , و هذه الآية الكريمة لا تعني مطلقاً المؤمن أم المسلم , بل تعني الإنسان ؛ لذلك تقدم الغرب الكافر , و فشلت أنت المؤمن التقي .
و لتفهم أكثر , لنقسِّم التسعين دقيقة إلي نقاط , فإذا أخطأ هذا المدرب فإنه يكون قد أعطي للآخر الفرصة للتفوق عليه , فتكون له نقطة مقابل لا شئ , فإن لم يستغلها الثاني , تكون المباراة متعادلة . و علي الرغم من الخطأ الساذج الذي وقع فيه المدرب X , فإن Y تمكن من تحقيق الفوز بفضل نقطة أخري تمكن هو من التفوق فيها , أو بفضل إيمان لاعبيه بتحقيق النصر . لم تقتنع , إذاً تمعَّن هذا الآية الكريمة عن الجهاد يوم بدر "إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين و إن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً" , هل لاحظت لفظ صابرون ؟ حسناً , كيف كان كفار بدر ؟ كانوا منتشين بكثرة عددهم و عتادهم و بقوتهم , فماذا حدث ؟ أنزل الله قوله قائلاً "صابرون" , فكان الصبر الذي يعني الإيمان بالله و قدرته نقطة أخري في معركة , و ليكون كل شئ بقَدَرٍ فعلاً أنزل "جنوداً لم تروها" لتستوي الكفَّة لكن بقدرة الله ليتفوق المؤمن (الصابر) .
الصبر و الروح و العزيمة أو الجرينتا , إضافة إلي تدارك أنشيلوتي لأخطائه في التشكيل , و إرهاق لاعبي أتليتيكو , كانت عوامل ساعدت الريال في العودة في الدقيقة 92.48 . الصبر و الروح و الإيمان بالنصر و روح الفانلة الحمراء , و غيرها من العوامل , هي التي جعلت عماد متعب يحرز أهدافه الكثيرة في الدقائق الأخيرة , و هي التي جعلته كذلك يحرز هدفه في الدقيقة 92 في فاصلة مصر و الجزائر 2009 . فهل الحظ موجود ؟
الحظ , جزء لا يتجزأ من مفهوم الحياة , كرة القدم حياة أكثر منها علماً , و في حياة كرة القدم تفاصيل كثيرة صغيرة , نجتهد نحن -المحللون- بإبرازها لتفهم ما حدث من متعة خلال تسعين أو مائة و عشرين دقيقة . لا يوجد فريق يفوز بالحظ , قد تسانده الظروف , لكن هذه الظروف كانت نتاج عمل و إن شئت الدقة , كانت نصيباً من نعم الله -سبحانه و تعالي- علي الإنسان نتيجة إجتهاده . و بالمناسبة , الحظ بمفهوم كارل يونج موجود بالفعل , و ما أكثره في حياتنا , لكن لسبب يعلمه الله عز و جل , و هنا نأتي للإيمان بالغيب و بقدرته و أنه "لا حول ولا قوة إلا بالله" . تمعَّن صغائر الأمور لتدرك كبائرها .
لمتابعة الكاتب عبر الفيسبوك من هنا
للمشاركة في فريق إبداع سبورت 360 اضغط هنا
أقرأ أيضاً جميع إبداعات فريق سبورت 360 اضغط هنا
Related Links
Related Tags
محمد بريقع, الحظ, كرة القدمfrom كرة عالمية /article/creativeteam/77712/%D8%A8%D9%86%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B8-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%B9%D9%84-%D9%88-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D8%B9%D9%88%D9%84-%D8%A8%D9%87
نسخ الرابط | |
نسخ للمواقع |
0 التعليقات: